*بقلم الكاتبة: يلينا نيدوغينا
إتساقاً مع الأحداث العِلمية الدولية، شهد “البيت الروسي” (المركز الثقافي الروسي) في العاصمة الأردنية عَمَّان قبل أيام قليلة، فعالية علمية – ثقافية لافتة بعنوان “الإملاء الجغرافي” التي يتم تنظيمها سنوياً منذ تأسيسه في عَمَّان.
وفي هذا المَنحى العِلمِي – الثقافي، لا بد لي من التأكيد على أن المسابقة التي نحن بصددها تَعجُ بالأفكار والرؤى المِلاح، وبالتالي يَزخر هذا “البيت الروسي” بالمبادرات الإبداعية التي تُنتجها إدارته الفذة والناشِطة، والقيادة الروسية النابهة في موسكو، لاسيَّما لاشتمالها على حوافز جد إيجابية ومتعددة الأشكال لجالياتها المُقيمة بعيداً عن مَساقط رؤوسِها، مِمَّا يُوثّق ويُؤكد ويُثبِّتُ ارتباطُها اليومي بثقافتها، وديمومة تواصلها مع بلدها-الأُم، وَ واحدة من هذه الجاليات هو “المجتمع الروسي” في الأُردن الذي يتمتع بتواصل وثيق مع وطنه الكبير روسيا، من خلال المركز الثقافي الروسي (البيت الروسي)، وفضاء المَصَاهَرة والصداقة الأُردنية – الروسية القديمة قِدم التاريخ ذاته والعريقة، والمُدعَّمة بأسانيد صَلدة من لدن الزعيمين جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المُعظم وفخامة الرئيس فلاديمير فلاديميروفييش بوتين النابه والمحترم.
تُقام هذه الفعالية الروسية في بلدان كثيرة من خلال المراكز الثقافية الروسية العاملة فيها، وقد غدت الفعالية لافتةً للإنتباه وتقليدية مَحلياً وعلى صُعُدٍ رسمية وشعبية في تلك الأقطار، وفي روسياً الأُم، وعربياً، وها هي كذلك تشتهر عالمياً. وفي العاصمة عَمَّان تقام هذه المسابقة سنوياً، إذ أُقيمت هذا العام (2024م)ليوم واحد، بينما تقام في روسيا وعددٍ من أقطار العالم على مدار يومين إثنين من كل عام. بدأت هذه الفعالية في “البيت الروسي” بعمان من الساعة 12:00 ظهراً بالتوقيت المحلي للأُردن.
في المرحلة الأُولى جرت هذه الفعالية اللافتة للانتباه المحلي والخارجي “وجهَاً لوجه” في قاعة “البيت الروسي” في منطقة “جبل عَمَّان – الدوار الأَول” بالعاصمة الأُردنية عَمَّان، وفي المرحلة الثانية، في ذات اليوم، تم ترتيبها “عن بُعدٍ”،إذ جرى التواصل مع المُشاركين والمُشاركات في هذه الفعالية من خلال شبكة الانترنت.
إلى ذلك، تَمَكَنَ المُشاركون من السيدات والسادة الذين انتظموا في هذه المسابقة ذات الجزئين، من الإجابة الدقيقة على الأسئلة المطروحة عليهم، ذلك أنها احتوت في الجزء الأول منها على 10 أسئلة، وفي الجزءالثاني على 30 سؤالاً.
في أهمية هذا الحدث العِلمي – الثقافي: أولاً هو ضرورة تقييم المَعرفة لكل مُشارك، ليس في علوم الجغرافيا فحسب، بل يَستهدف أيضاً ضرورة تعميم الاهتمام بالعلوم والتراث الوطني لروسيا. وبما يخص الطلبة غير الروس، فهذه كانت بداية لفرصة مستقبلية لتقييم مستوى إتقانهم للغة الروسية، وإظهار معرفتهم ببلد هذه اللغة التي يهتمون بتعميق الصداقة والتعامل معها، وبدراستها عن بُعدٍ، وبالنسبة لنا في الأُردن تُوظَّف مثل هذه الفعاليات لتأكيد العلاقات الثنائية النافعة والطيبة بين الفدرالية الروسية والمملكة الأُردنية الهاشمية، لتصب في حقول مختلفة لصالح البلدين والشعبين الصديقين.
كذلك، في أهمية هذا الحدث اللافت للانتباه للمهتمين في مجاله ولغيرهم أيضاً، هو تأكيد تواصل العلاقات الطيبة والمُنتجة للإيجابيات والتعاون المُتعدد الفضاءات بين روسيا والأُردن، ولتأكيد تواصل العمل في سبيل تعميق تجذيرها، ولزوم تلاحق التطوير والتنسيق المتواصل بين العاصمتين موسكو وعَمَّان.
وليس ختاماً، أرَىَ بأنه من المُفيد والمطلوب والمُمتع في آن واحد، الاستفادة من مثلِ هَذِهِ المسابقات، كمسابقة الإنشاء، لجهة تجسير الفجوة الجيلية من خلال رؤية جديدة وآليات مُبتكرة للوصول إلى إدراك جَمعِي، ولتوسيع ارتباط الجاليات الأُردنية في الدنيا بوطننا الهاشمي، والصداقة والتعاون المتعدد الجوانب مع روسيا والدول الأُخرى الصديقة للأُردن، لِمَا في ذلك من إيجابيات وإفادات جمَّة على المستويات كافةً لمختلف الأقطار، أولها بالنسبة لنا نحن الأُردنيين، ضرورة دفع النشء الأُردني الجديد لمعرفة عميقة عن وطنه والدول الصديقة والشقيقة، وللمزيدِ من الترابط والتواصل بقضايا الوطن ووقائع غيره من البلدان التي نتعاون معها، ولغيرها من الرؤى المُنتجة للإيجابيات والنقلات المِلاح الثقافية منها والعلمية وغيرها.
وفي الختام، لاحظت شخصياً بأن المشاركين في المسابقة تمكنوا من الإجابة بحذاقة ونجاح على عشرات الأسئلة، من خلال توظيف المَعَارِف العامة والعلمية المُختزنة في عقولهم الذكية، ما يؤهل جميع المشاركين للحصول على شهادات روسية رسمية تكريمية لِمَا لذلك مِن أبعادٍ عديدة لإعلاء مكانة العلاقات الشعبية بين أُمتينا الأُردنية والروسية وبلدينا روسيا والأُردن.
والجدير بالذِكر هنا، أن مبادرة //حَمْلة الإملاء الجغرافي الروسية// كانت بدأت في عام 2015، و ولَّدَت اهتمامَاً كبيراً، لتنتقل بالتالي إلى مكانة دولية مرموقة في عام 2017، لتساهم بتسارعٍ في زيادة وتعزيز مَعَارِف المواطنين الروس خارج وداخل روسيا عن وطنهم، وغير الروس كذلك، ولمتابعة قضايا الروسياعن كَثب. وبالتالي، بالنسبة لنا نحن الأُردنيين، أهمية وضرورة العمل من خلال ذلك على إدراج شعبينا الأُردني والروسي سوياً في الحياة والثقافة والحضارتين المتآخيتين عبر العصور الروسية والأُردنية، واهمية زيادة أنشطةالسفارةالأُردنية في موسكو في هذه المجالات وغيرها كذلك.
وليس ختاماً، لا بد من الإشارة هنا، بل والتأكيد، على أن العلاقات الثنائية بين روسيا والعالم الإسلامي ممتازة،إذ كانت بدأت منذ عهد مُبكِّر إتَّسَمَ بسرعة تبادل الخُلفاء العباسيين السفارات مع روسيا القيصرية التي اهتمت بالمسلمين، ودراسة الإسلام والمسيحية كذلك، ومع وجود وازدياد أعداد المسلمين الروس في روسيا، و وجود مجتمعات مُسلمة في عددٍ من المناطق ذات الغالبية السكانية المُسلمة،ازداد الاهتمام الروسي بدراسات الدين الإسلامي، وبعد قبول المسيحية ديناً في الإمبرطورية الروسية سنة 988، تعمقت وترسخت علاقات روسيا بالشرق بروافع متعددة وأضحت ثابتة وقوية البُنيان إلى يامنا هذا.
انتهى.
موضوعات ذات صلة
ديسمبر 3, 2024